تقدير موقف

الدبلوماسية العراقية بعد 2003: مقاربات الأداء وتحديات الجيوبوليتيك المتغيرة

طبيعة الأحداث في الشرق الأوسط، والتطورات في مشهد القوى الفاعلة في المنطقة بعد 2003، تضع باستمرار أمام العراق تحديات صعبة، خلال مساعي هذا البلد لصياغة تصورات إستراتيجية مناسبة، تجاه التفاعلات والسلوكيات الإقليمية، وبخاصة عند إعادة توجيه وتشكيل الدبلوماسية العراقية في تحركاتها تجاه محيطه الخارجي، ومن ثم رسم الفضاء الجغرافي الذي تتحرك فيه، وسط بيئة التحولات والتطورات الجيوبوليتيكية في الإقليم، ومحاولات إعادة تعريف المصالح الوطنية للعراق وتعزيز دوره الإقليمي، في ممارسات الأداء الدبلوماسي، خصوصاً في مجالات الاهتمام الرئيسة، السياسية والاقتصادية والأمنية.

يتمحور الحراك الدبلوماسي العراقي بعد 2003، حول محاولة الحفاظ على سيادة البلد من التدخلات الخارجية، وتعزيز الثقة مع الأطراف الإقليمية، كون العراق يشكل نقطة ارتكاز جيوسياسية في المنطقة بسبب موقعة الجغرافي، وجزء من ملامح سياسته الخارجية المفترضة في العقدين الأخيرين، تتمثل بالسعي لإقامة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية وتوسيع مجالات التفاعلات معها، من خلال الاعتماد على روابط القيم الحضارية والثقافية والتاريخية مع دول المحيط، وبناء المصالح المشتركة، وذلك في إطار محاولة تأمين مصالح العراق الحيوية، وتقديم مفاهيم جديدة في علاقات البلد الدبلوماسية، قائمة على التوازن في علاقاته الخارجية، وعدم التمحور والاصطفاف في المحاور الإقليمية.

ولكن بالرغم من كل هذه المساعي، إلا ان الدبلوماسية العراقية بعد 2003 تواجه العديد من التحديات، التي تضعف من قدرة العراق على صياغة مقاربات تدعم حركته في إطار السياسة الخارجية، وتمنع من ممارسة سلوك خارجي فاعل تجاه محيط العراق الإقليمي والدولي.