تحليل

تقييم العراق 2020 : السياسة الخارجية والتوقعات من عام 2021

صرح مصطفى الكاظمي، الذي أصبح خامس رئيس وزراء لفترة ما بعد 2005 في العراق، بعد تشكيله للحكومة في 6 مايو 2020، في برنامج الحكومة الذي قدمه إلى مجلس النواب، بأن السياسة الخارجية العراقية ستبنى على ثلاث أسس وستأخذ بمبادئ "السيادة والتوازن والتعاون". وبذلك، قام رئيس الوزراء الكاظمي في الأشهر الثمانية الأولى له، بزيارات دبلوماسية إلى إيران والولايات المتحدة الأمريكية والأردن وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وتركيا، على التوالي، وآخر زيارة في عام 2020 إلى الأردن للقاء الملك عبد الله مرة أخرى. في واقع الأمر، تابع الوزراء والشخصيات البارزة مثل وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير المالية علي علاوي، ووزير النفط إحسان عبد الجبار، ورئيس وفد الحشد الشعبي فالح فياض، حركة دبلوماسية مكثفة وقاموا بزيارات على مستويات مختلفة إلى المملكة العربية السعودية والكويت ومصر والبحرين ولبنان وسوريا وروسيا وهولندا وبلجيكا، بالإضافة إلى البلدان المذكورة سابقًا. عند الأخذ بالاعتبار وباء فيروس كورونا العالمي المستمر، فإن زيارة رئيس الوزراء الكاظمي ووزرائه 15 دولة مختلفة في فترة قصيرة مدتها ثمانية أشهر، يشير إلى أن الحكومة العراقية تتبع سياسة خارجية وحركة دبلوماسية نشطة.

في الفترة التي أعقبت تشكيل الحكومة الجديدة، كانت بغداد وجهة للعديد من وزراء الخارجية في الشرق الأوسط. خلال فترة الثمانية أشهر، قام وزراء خارجية الكويت والأردن والمملكة العربية السعودية وفنلندا وفرنسا واليونان بزيارة بغداد شخصيًا لإجراء لقاءات دبلوماسية. ولفت الانتباه زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العراق. في نفس الفترة، بالإضافة للعلاقات بين الدول، أولت الدبلوماسية العراقية أهمية خاصة للتواصل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية فوق الدول. وعليه التقى وزير الخارجية فؤاد حسين مع الأمين العام لحلف الناتو يانس ستولتنبرغ والممثل الأعلى لسياسات الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل في نطاق لقاءاته البلجيكية، وأجرى محادثات بين الوفود مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو غيط في نطاق زيارته إلى القاهرة. بالإضافة إلى ذلك، التقى فؤاد حسين بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور نايف الحجرف ضمن نطاق مؤتمر حوار المنامة، وعقد اجتماعات ثنائية مع وزراء خارجية عمان والبحرين والمملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية في نفس القمة.

تصدرت الأوضاع التي تؤثر على الظروف في العراق والمنطقة، مثل استمرار القتال ضد داعش، ووباء فيروس كورونا، وهبوط أسعار نفط برنت، والأزمة المالية، على رأس بنود جدول الأعمال في اللقاءات الخارجية سواء لرئيس الوزراء الكاظمي أو الوزراء في حكومته. وأشاد رئيس الوزراء الكاظمي، في لقاءاته مع نظراءه الأوروبيين، بدعم ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، التي هي جزء من التحالف الدولي، للعراق في محاربة داعش، كما شجع الشركات في هذه الدول على الاستثمار في العراق. تبادل الكاظمي تفاصيل خطة الإصلاح الاقتصادي التي أعدتها الحكومة الجديدة مع المستثمرين الأوروبيين والرأي العام خلال زيارته لأوروبا. وبالمثل، شكر رئيس الوزراء الكاظمي في لقاءاته في إيران والولايات المتحدة على مساهمتهما في محاربة داعش، وذكر أنه يريد التعاون مع هذه الدول بشكل أوثق في مجال الاقتصاد. أدت أنشطة الحوار التي أجريت مع الجهات الفاعلة المهمة في العالم العربي مثل مصر والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية في مجال النفط والطاقة إلى تساؤلات ما إذا كان عامل التوازن الذي اعتمده العراق في السياسة الخارجية قد تغير لصالح العالم العربي أم لا. رغم كل شيء، تظل القضايا الأمنية تحتل الأولوية في لقاءات السياسيين العراقيين مع الجهات الأجنبية، خاصة وأن القتال ضد داعش لم ينته بعد. ومع ذلك، لفت الانتباه في هذه اللقاءات لحكومة الكاظمي، تطبيق الدبلوماسية الاقتصادية المكثفة التي من شأنها تشجيع الاستثمار الأجنبي في العراق، وخاصة في مجالات النفط والطاقة.