تقرير

إبادة الأرمن الحقائق والمزاعم

قصة إبادة الشعب الأرمني على يد العثمانيين الأتراك، هي قصة تطرق مسامع العالم وتشغل أذهانه الفينة بعد الأخرى، بسبب الضجة التي تثار حولها من اللوبي الأرمني في الدول الغربية، وبسبب مشاريع القرارات حولها التي تناقش في البرلمانات الأوروبية، وكأن حسم الخلافات التاريخية من شؤون تلك البرلمانات. لا شك أن هذه القصة الملفقة تقدم كصفحة سوداء من صفحات تاريخ الإبادات الجماعية، وجريمة كبيرة في حق الإنسانية، وهي في الحقيقة مجرد ادعاءات وراءها مآرب مختلفة لكل من يدعيها ويروجها.

 قصة إبادة الأرمن بالنسبة لبعض الجهات والدول تعد ورقة سياسية قبل أن تكون وقائع تاريخية، تستخدمها وفقاً مصالحها، أحيانا للضغط على الحكومة التركية وأحيانا لكسب أصوات الناخبين الأرمن. وهذه القصة الملفقة محاولة لتزوير التاريخ وتضليل الرأي العام العالمي، وفرية على الدولة العثمانية بل وعلى الإسلام والمسلمين، ويجب الكشف عن حقيقتها، حتى لا يعبث العابثون بالتاريخ في زمن كثر فيه العبث بالحقائق والمصطلحات. ولابد من معرفة ما جرى في التاريخ حتى يفهم ما يجري في عالمنا الحاضر من التدخل الخارجي في شؤون الدول الإسلامية وتدويل مشاكلها الداخلية، ثم توظيفها لمصلحة هذا الطرف وذاك.

لذلك سنناقش في هذه الدراسة مشكلة الأرمن وقصة إبادتهم الملفقة بكل شفافية، كي يتضح لنا وللعالم أجمع مدى استخدام الدول الغربية للمعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين، وتفكيك الدول، وإثارة الفتنة بين الشعوب المتعايشة جنباً إلى جنب، على مدى القرون، والتدخل في شؤونهم الداخلية تحت مسميات مختلفة منذ عهد "المسألة الشرقية" إلى عهد "الشرق الأوسط الكبير".