تقدير موقف

الخيارات المقبلة للكتلة الصدرية في العراق: بين المعارضة الشعبية والمشاركة في السلطة

انسحاب اكبر كتلة سياسية من البرلمان والعملية السياسية ( الكتلة الصدرية )، على اثر الانسداد السياسي وفشل المفاوضات في تشكيل حكومة اغلبية سياسية، أدى الى ارباك الوضع السياسي في العراق، حيث تغيرت التوازنات والأثقال الانتخابية والسياسية بناءً على هذا القرار المفاجئ لزعيم التيار الصدري، السيد مقتدى الصدر، ودخلت العملية السياسية في العراق حالة عدم الاستقرار بعد اعتصامات لانصار التيار الصدري على أبواب المنطقة الخضراء التي تضم مقار الحكومة والبرلمان والسفارات الاجنبية، الأمر الذي أشر بأن انسحاب الصدريين من البرلمان لم يكن قراراً ارتجالياً، بقدر ما كان مفاجئ وصادم لحلفائه قبل منافسيه الذين استثمروا انسحابه لبدء حوارات مع القوى السياسية من المكونات الأخرى لتشكيل الحكومة. على اثر ذلك وجد زعيم الكتلة الصدرية فرصته في معارضة منافسيه من قوى الاطار التنسيقي شعبياً والخروج بمظاهرات حاشدة، تطورت فيما بعد الى اعتصامات داخل مبنى البرلمان لتعطيل تمرير مرشح الاطار التنسيقي لرئاسة مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، رفعت تلك الاحتجاجات شعارات الإصلاح والقضاء على الفساد والمطالبة بتعديل الدستور، ثم تراجعت مطالب تلك الاحتجاجات على اثر بيانات ومواقف من الفواعل الداخلية والخارجية تدعو للحوار الوطني، الى جانب عدم حصول احتجاجات الصدريين على تأييد شعبي واسع يؤهله للمضي قدماً بما يريد من إصلاحات، واقتصرت مطالب الصدريين الأخيرة على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، والتمديد لحكومة الكاظمي كحكومة تصريف اعمال تمهد للانتخابات المبكرة.

ولغرض بناء فهم دقيق لمواقف الكتلة الصدرية الأخيرة، ينبغي الإشارة الى الكتلة الصدرية تلازمها في أغلب مواقفها الاجتماعية والسياسية ثنائية هوياتية، فمرة تصدر مواقفها على انها تنظيم سياسي " حزب" ومرة أخرى تصدر مواقفها كتيار مجتمعي تبعاً للخصوصيات الدينية أو الاجتهادية لزعيمها السيد مقتدى الصدر، الأمر الذي جعل هوية الكتلة الصدرية مركبة وينبغي فرز مواقفها في سياق استثنائي يمزج الحالتين.