مجلة دراسات الشرق الأوسط شهر كانون الثاني / المجلد: 13/ العدد: 1

نقاط التحول في مراحل تأسيس اليهود للدولة: البوغروم والعليا والصهيونية (1881– السياسية ( 190

القرن التاسع عشر هو القرن الذي شهد حركات قومية، وتم فيه وضع حجر الأساس للدول القومية وأعيد فيه تشكيل المناطق الجغرافية. وتدين العديد من الدول في نضالها من أجل الوجود وفي نجاحاتها بتأسيس دول وطنية على أساس العرق والأرض، إلى الدبلوماسية أو الصراعات المجتمعية. وفي الوقت الذي شهد تأسيس نظام عالمي جديد في إطار الدول القومية، كان اليهود يخوضون نضالا من أجل أخذ مكانهم على الخريطة، وكانوا أحد المجتمعات النادرة التي نجحت في ذلك من خلال الدبلوماسية. وتعد البوغروم )المذبحة( والعليا )الهجرة إلى أرض الميعاد( والصهيونية السياسية من بين اللبنات المهمة في مراحل تحوّل اليهود من مجتمع إلى دولة. نقاط التحول هذه، هي حلقات لسلسة متداخلة مع بعضها البعض ولا تنفصل إحداها عن الأخرى. تسببت الكراهية الناتجة عن الحركات القومية والأزمات الاقتصادية في روسيا القيصرية الدولة التي كانت تضم أكبر عدد من اليهود، في التركيز على اليهود الذي أصبح ينظر إليهم على أنهم أعداء. وقعت أولى ممارسات العنف والقمع والظلم 1903 . وفي إطار هذه الممارسات، تم نفي اليهود - الممنهجة والمستمرة، في الفترة بين الأعوام 1882 من المناطق الجغرافية التي عاشوا فيها لسنوات. وللمرة الأولى يقوم اليهود بالهجرة الجماعية التي 1903 (. اليهود الذي كان غالبيتهم من روسيا القيصرية وأوروبا الشرقية، - تسمى عليا في الفترة ) 1881 هاجر قسم منهم في المقام الأول إلى أمريكا، ثم إلى الدول الغربية، وجزء منهم توجه إلى فلسطين. المناخ السياسي والفوضى السياسية في القرن التاسع عشر تسببا بداية وبمساهمة من الصهيونية بتنظيم برامج هجرة على نطاق واسع، تبعها هجرة عليا التي أظهرت أنه يمكن توجيه العقول اليهودية تجاه فلسطين. وفي الوقت الذي كانت تجري فيه البوغروم والعليا، كانت سلسلة الدبلوماسية التي كان يديرها زعماء اليهود تضيف للصهاينة تسارعا وزخما جديدا في القرن التاسع عشر. ومن خلال الصهيونية السياسية بدأت مرحلة إقامة دولة يهودية مستقلة على الأراضي الفلسطينية القديمة مهما كان الثمن. لم يقم الزعماء اليهود بمنع مراحل بوغروم وعليا التي كانت تعتبر من أهم نقاط التحول في بدء الصهاينة 1881 جراء الأسباب المذكورة، بل استخدموها لصالحهم ووضعوا - بتشكيل التجمعات في الفترة 1903 حجر الأساس للدولة التي سيتم إنشاؤها من خلال العمل على زيادة عدد السكان اليهود في فلسطين.